طلعُها ثمرها لطلوعه كل سنةٍ ومنه سميَ طلعُ النخل طلعا عند أول
خروجه، مأخوذٌ ذلك من طلوعه، فإذا تغيرت حالُه وانتقل إلى حُكمٍ آخرَ
سميَ باسمٍ آخر من بلحٍ وبُسرٍ ورَطب، فطلعُها المرادُ به ثمرها الطالع، وأما
الشياطين التي مثلها برؤوسها فإنها حياتٌ خفيفاتٌ الأجسام قبيحات المناظر
والرؤوس.
قال الشاعر:

عجينٌ تحلفُ حينَ أخلفُ كمثل شيطانِ الحماطِ أعرُفُ
يريد كأنه حيةٌ تأوي الحِماط، والحِماط شجر، والأعرُفُ الحية من هذا
الذي له عُرف، والعربُ تقول إذا رأت منظراً قبيحاً كأنه شيطانُ الحماط.
وقال يشبّه التواء زمام ناقته بتلؤي الحية:
تقلبَ مني حضرمى كأنه تعمج شياطينٍ بذي خروعٍ قفرِ
يزيد تشبيه تلؤي زمامها بتلوِّي هذه الحية التي تُسمى شيطان، ولم يرد
الشياطين الذين هم الجن، وإذا كان ذلك كذلك بطلَ تعجبُهم وزال تمويههم.
فأمَّا قولُه تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (٣٣)، مع قوله: (وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ)، فلا تناقض فيه، وذلك أن النّضرَ بنَ الحارث قال: (اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)، يعني بذلك أهلكنا جميعاً ومحمداً ومن اتبعه عاماً، فأنزل@ اللهُ تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) أي: وفيهم قومٌ يستغفرون وهم


الصفحة التالية
Icon