المسلمون، ثم بيّن ذلك قوله تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ).
ثم قال تعالى: (وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ) يعني: النّضر ومن كان بمثابته (وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ).
يعني المسلمون، فلا تناقض في ذلك.
وأمّا قولُه: (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا) مع قوله: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ) فلا تنافي فيه لأن قوله: (دَحَاهَا) معناه بسطَها وليسَ معناه أنّه
خلقَها وأنشأنها، وقد جاء في الحديث "أن الأرضَ خُلقت ربوةً غير مبسوطةٍ
ثم بُسطت "، فقوله: دحاهَا يريد بسطها، وقد يخلِقُها ربوةً ويخلقُ السماءَ
بعدها ثم يبسطها بعد خلق السماء فلا تنافي في ذلك.
فأمّا قولُهم إنه أجمل خلقَ السماواتِ والأرضَ في ستةِ أيامٍ ثم فصَّلها
لهم في ثمانية، فإنه أيضاً لا تعلُّق فيه من وجهين:
أحدهما: أنه إذا أدخلَ القليلَ في الكثيرِ المشتملِ عليه كان ذلك
صحيحاً، لأنه إذا خلقَها في ثمانيةِ أيامٍ فقد خلقَها في ستةٍ لا محالة، لأن
الستةَ داخلة في الثمانية، ولذلك لم يكن من أقز وأخبر بأن لزيد عليه ستةَ
دراهم ثم أقر له بعدَ ذلك بثمانية فاعترف أن له ثمانيةً كاذباً في إقراره
وخيره، لأن أحدُ إقرارَيه وخبَريه داخلٌ في الآخر، فهذا جواب.
وجواب آخر: وهو أن اللهَ سبحانه لم يخبرْ أنه خلقَ الأرض في يومين
هما غير الأربعة أيام التي قدر فيها أقوات الأرض، لأنّه يمكن أن يكون خلقَ
الأرض في يومين، وخلقَ أقواتَها في يومين آخرين، ثم قال: خلقَ الأرضَ
في يومين وباركَ فيها وقدر فيها أقواتَها في أربعة أيام، أي أن خلقها وخلقَ
أقواتِها كاق في أربعةِ أيام، وهذا كما يقول القائل حوطتُ داري وبنيتُ