سُورَها في يومين وفرغتُ منها ومن بيوتها ومرافِقها في عشرة أيام، لا يعني
بذلك عشرةَ ليس فيها اليومين اللذين فرغَ فيهما من تَسويرِها، وإذا كان ذلك كذلك سقطَ ما توهموه وزالَ ما نحلوه كتاب الله من التناقض والاختلاف.
فأمَّا قولُه تعالى: (لَاَ إكرَاهَ فِى اَلدينِ)، مع قوله: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ).
وقوله: (فَضَرْبَ اَلرقابِ).
وأخذه للعباد بالدخول في الدين ففيه ثلاثة أجوبة:
أحدها: أنّه لا إكراه في الدين ولا قتلَ ولا حربَ لمن له عهد وذمة بقيَ
عليها، ويمكن أن يكون التأويل ُ في ذلك أنه لا إجبارَ ولا حملَ ولا اضطهاد
في الدين، أي ليس يفعله فاعل إلا على سبيل الطوعِ والاختيار، وعلى وجهِ
يقتضي الثواب، ولا بد أن يكون من كُلِّفَه إما قادراَ عليه أو على تركه
والانصرافِ عنه والإيثارِ لضده عليه.
ويمكن أيضا أن يكون المعنى في ذلك أن ما وقعَ منهم من التصديق
على سبيل الإلجاء والجهلِ والفزعِ من السيفِ ومن ظاهر القول والإقرار.
فليس بدينِ يُعتَدُّ به و"شابُ صاحبُهُ وإنَّما الدين منه ما وقعَ طوعا مع قصدِ
دينه، ولذلك قال تعالى: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا).
أي: استسلمنا خنوعا ورهبةَ من السيف وما وقعَ كذلك
فليس بدينِ ولا إسلام.
ويمكن أيضا أن يكون أراد بقوله: (لا إكراه في الدين) أي: لا إكراه
يقعُ ويصح في نفسِ التصديقِ والإقرار الذي يكونُ بالقلب، لأن الإكراهَ على
تصديقِ القلب والمعرفة لا يصح، لأنه يقعَ مكتسبا مستدلا عليه بما يختارُ
عند إيقاعه، ولا يصح الإكراهُ عليه كما يتأتى ذلك في الأفعال الظاهرةِ