(إِفْكٌ افْتَرَاهُ)، و: (إِفْكٌ قَدِيمٌ)، و: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ)، و: (مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرًى).
(أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا)، وأمثالُ ذلكَ مما يطولُ تتبعه.
لأنه تعالى إنما عنى بقوله: (فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ)، إنهم لا يستطيعون جَحد
حُجتك ومعارضَةِ آياتك، وإقامة برهانٍ على تكذيبك وكذبك، فلمَّا عَجزوا
عن ذلكَ قالَ فإنّهم لا يكذبونَك عندَ الناسِ بحجةٍ تكشف عن تكذبك، ولا
يكذبونَك أيضاً بمعناه، ولم يرد بذلكَ أنهم لا يكذبونه في شيءٍ يخبرهُم بِه.
ولا أنهم لا يقولونَ إنه كاذبٌ ولكنه عليه السلام لا يصيرُ بذلك كاذباً، وإنما
يكونُ مكذبا، ومكذبا إذا أقاموا على كذبِه حجة وبرهانا.
فأمَّا قولُه تعالى في قصةِ الملائكةِ والرسل: (قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا)، فإنه لا تناقض بينه وبين إخباره عن كونهم كراما كاتبين وعن قوله:
(فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ)، وكيف يجيء بأنبياءَ
وملائكة للشهادةِ على الأمم، وهُم يقولونَ إنّنا لا علمَ لنا بما هُم عليه، أو
بما كانو عليه، وذلكَ أنه إنما يقول الملائكةُ والرسلُ: إنه لا عِلمَ لنا
بسرائِرهم وما في ضمائرِهم من إخلاص لك ونفاق، أو لا عِلمَ لنا بما
استسروا به من الأعمالِ دونَ أنبيائِهم، ولا علمَ لنا بما حدثَ منهم بعدنا
وبعد مفارقتنا لهم، فأمَّا أن يقولوا لا عِلمَ لنا فيما قد عَلموه ورأوه وشاهَدوه
من أفعالِ الأممِ الظاهرة، فذلكَ محالٌ في صِفتهم فبطلَ بهذا ما قالوه.
وأمَّا قولُه: (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ)، فإنه ليس بمخبر عن إثباتِ قولهم لذلكَ حتى يكونَ نقيضا لإخباره عنهما بأنهما مؤمنان، وإنما هو قولٌ صورتهُ الاستفهام، وإنما يقال لهما ذلك في القيامه على مذهب التقرير لهما، ليسمعَ مدَّعي ذلك عليهما وأنهما