قبلَ أن يرجعوا إليه، وإن تأخر في الذكر، وثم ها هنا بمعنى الواوِ على ما
ذكرناه أو بمعنى مع، كاته قال وهو مع ذلك شهيا على ما يفعلون ثم
صورناكم، وقلنا مع ذلك للملائكة اسجدُوا لآدم، وإذا جُعلتْ ثمَّ بمعنى مع
أو بمعنى الواو بطل تَوهُمُهُم وما حاوَلوا به الطعنَ في القرآن.
فأما قولهُ في إخباره عن صالح: (فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ).
وليس يُنقَضُ لإخباره عن ثوابِ الرسلِ ورفعِ درجتِهم ومنازلِهم بغيرِهم على
ردائتِهم وتكذيبِهم، لأنه لم يُرِد بقولهِ: فما تزيدونني غير تخسيرٍ لكم.
وضلالٍ وشر لاحق بكم دوني، وكذلك قولُه: (يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٣٠).
ليس بتحسرٍ من الله، لأن التحسيرَ لا يجوزُ عليه، ولكن يا حسرةً لهم في تخلفهم عن إجابة الرسل، وكذلك يقول القائل منَّا لمن يَعِظُهُ ويرشدُه إذا طغى ولم يقْبل: ما تريدُ بي إلا شرّاً ووبالا، يعني بذلك شراً ووبالاَ عليكَ دوني فكذلكَ تأويلُ الآية وهذا يُبطل كيدَهم وإلباسَهم إبطالاً ظاهراً بيِّنا.
ْوأما قولُه تعالى: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا)، فإنه لا منافاةَ أيضا بينَه وبينَ قوله: (فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا).
لأنه تعالى لم يرد بالآية الثانية نفيَ الموازنَةِ ونفيَ الموازين، وإنما
أرادَ أحدَ أمرين:
إما أن يكونَ أراد أننا لا نقيمُ لهم مع أمرهم قدراً ولا جاها ولا نخلِطُهم
بأهلِ الجاهِ والأقدارِ عندنا كما يقال: فلان لا وزنَ له عندَ فلانٍ يعني بذلك
أنه لا قَدْرَ له، وليس يعني أنه لا يزن شيئا وأنه لا ثِقل له، ولا يمكنُ وزنُه.
أو أن يكونَ أراد أننا لا نقيمُ لهم يوم القيامةِ وزنا مستقيما ينفعهم، إذا كانت