العقابَ واصطلمنا، فقال حُكْمنَا بذلك منعُنا من أن نرسلَ بها في هذه الأمَّةِ
وهذه الآيات ِ نحوَ قوله: (يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ)، وقوله: (وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (٩٠) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (٩١) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (٩٢) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ).
ونحو ذلك.
ويمكنُ أيضا أن يكون تأويل قولهِ وما منعنا أن نرسلَ بالآيات إلا أن
كذبَ بها الأولونَ، وتكون إلا ساقطةَ وعلى وجهِ الزيادةِ في الكلام، فكأنّه
قال: ما منعنا أن نُرسلَ بالآيات تكذيبُ من كذبَ بها من الأولين، بل نُرسل
بها وإن كُذبتَ فيما سلف، ومثلُه قول الشاعر:

وكل أخِ مفارِقُه أخوهُ لَعَمروُ أبيكَ إلا الفَرقدانِ
أي: والفَرقَدان، فدخل إلا زيادةَ في الكلام، وهذا يبطلُ أيضا ما ظنوا
الانتفاعَ به.
وأمَّا قولُه تعالى: (وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ)، فإنّه لا منافاةَ بينَه وبينَ إخبارِه بأنه آتى محمدا - ﷺ - الفرقانَ وأنزلَه عليه، ليكونَ للعالمين نذيرا، لأنّ أكثرَ ما فيه أن يكونَ آتاهُهما جَميعا الفرقان، وأنزل عليهما، وهذا غيرُ متناقضِ ولا متضادِ لو كان المرادُ بالفرقانِ كتابَ محمدِ صلى اللهُ عليه، وكيفَ وليسَ ذلكَ هو المراد، فيحتمل أن يكونَ أراد بفرقانِ موسى آياتِه التي فرقَ بها البحرَ وفرقَ بها بينَه وبينَ فرعونَ والسحرة، فتكونُ تلك الآيات فرقانا بين الحقِ والباطل، والنبي والمتنبي.
ويُحتمل أيضًا أن


الصفحة التالية
Icon