يكونَ أرادَ بذكرِ الفرقانِ انفراقَ البحرِ دونَ كتابٍ أنزله سماهُ فرقانا، لأنه
قال: (وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ).
ويُحتملُ أيضا أن يكونَ آتى موسى كتابَه وكتابا كان قَبلَه اسمُه فرقانٌ
كاسم كتابنا، ويُحتملُ أيضا أن يكونَ أرادَ بالآيةِ أننا آتينا موسى ذكرَ القرآنِ الذي أنزلناهُ عليكَ وأوحينَا بذكرِه إليه ليُصدقَ ويوصي بتصديقِ من يُنزَل عليه ويثبتونَه، ليكون ذلك حجةً على قومه، وعلى وجهِ الحجةِ للنبي صلى اللهُ عليه في دفعِ ذلكَ عن موسى.
ويمكنُ أيضا أن يكونَ عنى بالآيةِ وإذ آتينا موسى الكتاب وآتيناكم
الفرقان فحذف وآتيناكم على مذهبِ الاختصارِ والاكتفاءِ بشاهدِ الكلام.
وإخراجِ القول على المعنى، كما قال الشاعر:
تراهُ كان اللهَ يجَدعُ أنفَه | وعينيه إنَ مولاهُ بانَ له وفرُ |
تعلقوا به من التأويل.
فأمَّا قولُه: (أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ)، فإنه لا منافاةَ
بينَه وبينَ إخبارِه عن قولهم في الدنيا، لأنه يمكنُ أن يكونوا يحَيون في
قبورِهم ويُعذبون بعذابٍ دونَ عذابِ الآخرة، ثم يقالُ لهم في الآخرةِ أدخلوا
أشد العذاب، ووقتُ عذابِهم في القبرِ غير وقتِ موتهم في الدنيا.
ويمكنُ أن يكونَ أرادَ نقلَهم في جهنمَ من طبقةٍ إلى طبقةٍ أسفلَ منها إلى
ما هو أشد منه، فقال لهم: أدخلوا آلَ فرعونَ عذابا أشد مما كنتُم فيه.
ويجوزُ أن يكونَ أشد العذابِ هو نفسُ العذابِ بجهنمَ الذي وُعدوا به، فقيل
لهم أدخلوا أشد العذاب، وهو الذي كنتم توعدونَ به، كما يقال القائل: