إليهم تارةً وإليه أخرى، لأنها مضافةً إليه تعالى من جهة الخلق والاختراع.
ومضافةً إليهم من جهة التصرف والاكتساب، وقد شرحنا هذه الفصول.
وكيف يكونُ عدلاً واحداً لعدلين وهدايةً لمهديين، ووجه الاشتقاق من خلقِ
الهدايةِ والعدلِ واكتسابِها وطريقِ تعلقهما وإضافتِهما في "شرح اللمع " وغيره
مما يغني الناظرَ فيه إن شاء الله.
والوجهُ الآخرُ: أن الله تعالى قد هدى كل قابلٍ للإيمان بمثلِ هدايةِ الرسلِ
في الدعوةِ والإرشادِ والتزينِ والترغيبِ والترهيب، فصارت هذه الهدايةُ
مشتركةً ومضافةً إلى الله تعالى وإلى أوليائه، ومعنى الاشتراك فيها أن
المضافَ إلى الله سبحانَه منها كالمضاف إلى رسوله وأوليائه، والضربُ
الأوّل هو الذي انفرد الله تعالى به، ولم يضفه إلى أحد من خلقه، وهو الذي
عناه بقوله: (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ).
وقوله: (أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ)، وقوله: (حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (٧)، فلم يضف من ذلك شيئا إلى رسله ولا إلى أحدٍ من خلقه.
فبانَ بهذا أنّه لا تناقضَ في إضافاتِ الهدايةِ مرةً إلى الله سبحانَه، ومرةً إلى
رسوله، ومرةً إلى المؤمنين والملائكة إذا نزلت بحسب ما بيَّنَّاه ورتبناه.
فأمّا إضافتُهُ الإضلالَ مزةً أخرى إلى نفسِه تعالى ومزةً إلى الشياطين
ومزةً إلى المجرمين ومرةً إلى السامري وإلى فرعون وغيره من الكفّار، فإنه
لا تناقضَ أيضاً في ذلك ولا تنافي، وذلك أن الإضلالَ الذي أضافه الله إلى
نفسِه هو الذي لا يدخلُ تحت قُدرة أحدٍ من خلقه من جميع الفراعنةِ والشياطين والمجرمين، وهو الطبعُ على القلوب، وجعلُ الأكنة عليها والختمَ والإعماء،