ذلك من قولهم، وقال لرسول اللهِ - ﷺ -: (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ)، فالحسنةُ والسيئة ها هنا إنما هما الشَدةُ والرخاء، قال الله تعالى: (إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ)، وقال: (وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا) يعني الشدةَ والرخاءَ
والنصرَ والهزيمةَ ولم يُرِد الطاعةَ والمعصية.
ومما يدلُّ على ذلك ويشهدُ له إخبارُ اللهِ تعالى عمن سلف من منافقي
الأمم بمثل هذا القول الذي أخبر به عن منافقي أمة محمد - ﷺ - قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (١٣٠) فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ (يعني الخصب) قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ (يعني السنين نقص الثمرات) يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ﴾.
يقولون هذا بشؤم موسى ومن تبعه.
وكذلك كانت قصةُ المنافقينَ مع رسول اللهِ - ﷺ - إذا أصابَهم نصر ورخاءٌ وإنعام أو هزيمة وشدة وجدب، فعابهم الله على ذلك، كما عابَ قومَ فرعون، وقال لصالح: ﴿يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ (يعني بالعذاب والنقم قبل العافية) لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٤٦) ﴾.
فكل هذه الآيات والأخبار تدلُّ على أن السيئةَ والحسنةَ ليستا مقصورتين على الطاعةِ والمعصيةِ وتدل على غباوةِ الملحدة والقدرية في تأويل هذه الآية.
وأمَّا تعلقُ الملحد والقدريُّ بقوله تعالى: (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا)، وقوله: (وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (٢٠).
وقوله: (وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا).
فالجوابُ عنه أن القومَ إنما