رؤساؤُهم طائفةً منهم يؤمنون بالنبيِّ - ﷺ - وقالوا لهم آمنوا أوَّل النهار واكفروا آخره فإن سُئلتم عن ذلك فقولوا قد كنّا نظن أنّه النبي الذي بُشرِّنا به فآمنا، فلمَّا رجعنا إلى أحبارِنا وعلمائِنا أخبرونا بأنّه ليس هو الذي بُشَرنا به، فلعلهم إذا فعلتم ذلك أن ينفضَّ جمعُهُ ويكفرَ به أصحابُه، ومتى كان آمن به فأخبر تعالى نبيه - ﷺ - بذلك والمؤمنينَ فقال: (وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٧٢).
يعني عن الإيمان بما آمنوا به من تصديق محمد - ﷺ - ثم قال: (كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ)، أي لأن النبي - ﷺ - لم يكن من بني أمتهم وأعمامِهم قال اللهُ تعالى: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ)، أي من بني أمتكم ومن بنبي عمِّكم، وقال: (لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ)، أي: لا يُخرجُ بعضكم بعضا.
وقولُه: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)، أي لا يقتل بعضكم بعضا، ولم يذكر النفس في هذه المواضع الروحَ والحياة، والنفسَ التي في الجسد، وإنّما أرادَ بالنفس البعض.
ويمكن أن يكون أرادَ بقولِه: (كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ)، أي: أن
قولَهم إن اللهِ أمرنا بتكذيبك وردك إلى دين موسى كذلك يفترونه من عند أنفسِهم ما أنزَلَه الله ولا وقفَ عليه ولا أمرَهم به ولم يُردْ إنني ما خلقتُ تكذيبهم ولا قدَّرته ولا قضيتهُ وإذا كان ذلك كذلك سقط ما ظنه القدرية والملحدون.
وأمّا قولُه تعالى: (يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ)، فإنه