في حال ما وُجد بقدرته أحدهما، وإنما يمكنه أن يفعل بالقدرة على الضدين.
وكل واحدٍ منهما بدلاً من صاحبه، فأمَّا الجمع بينهما، فإنّه باطلٌ ومحالٌ
ممتنعٌ في قدرة كل قادر، وإن كانت قدرةً على الضدين، والجوابُ الآخرُ
يقول: إنَّ القدرة على الكفر غيرَ القدرة على الإيمان، ونقول مع ذلك إن
الكافرَ في حال كُفره قد كان يصح وقوع الإيمان منه، ويتوهم بأن لا يكون
كان الكفر منه، بل كان الإيمان بدلاً منه.
فإن قالوا: أفيصح من الكافر تركُ الكفر الذي خلق فيه؟
قيل لهم: أجل، بأن لا يكون كان خُلقَ فيه فهو عندنا على هذا الجواب، قادرٌ على الإيمان لو آثرهُ واختاره، وكره الكفرَ وأباه.
فإن قالوا فهو عندكم قادرٌ على كره الكفر، قيل لهم: بأن يختار الإيمان.
فإن قيل: أفيَقْدِرُ على اختيار الإيمان وفعله؟
قيل لهم: أجل، إن كره الكفر وآثر الخروج عنه، فليس هو عندنا بمثابة الزمن والمقعد والعاجز، ومن لو حاول القيام بعملٍ لامتنع عليه، وتعذر لعجزه ومنعِ الآفات له من إيثاره بل الكافر مُخَلا عندنا بينَه وبينَ إيثاره واختياره، وممكنٌ من الإيمان إن شاء وأحب وكره الكفر وتجنبه، وهذا الجواب أيضاً يبطل ما توهموه إبطالاً بينا وينبغي في الجملة أن تكون المحاورةُ والمشاجرةُ في الاستطاعة والبدل والعجزِ والمنعِ والفعلِ والتركِ وتشبيه عدم القدرة على الفعل بفقد كمال العقل وعدم الدليل، وبطلان الجوارح والآلات بيننا وبينَ القدرية المعتزلة.
والكلامُ في هذه الأبواب مذكورٌ معروف، واستظهارُ أهل الإثبات
عليهم في هذه المذاهب التي يعتقدون بطلانَها على وجهٍ قد صار معهم فيه
الجِلَّة والأئمة، وحُذاق أهلِ النظر وسائرِ البخارية والقدرية، وأنهم قد بلغوا
بالحذق والتمويه في باطلهم إلى حدَّ ما صاروا به في استهواء الناس أكثرَ من