وتناقضَه فيخرج، ويصح جوابُه على مذاهب بعض الأمة، فقد زالت العهدةُ
ووضح الحق، وبطلت الشبهة، وهكذا يفعل اللهُ سبحانَه بمن ضل وعندَ عن
الحق.
وقد علموا أنّ من الأمّة من يقول إن قوله: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ)، مراد به أننّا سنذرأ يوم القيامة، وأن قوله: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)، على عمومه، وكذلك قوله: (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى)، وأن قوله: (وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ)، أي: أنّه للرحمة خلقهم.
وأن قوله: (وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا).
أي: من أراد عقابَه بما كان من كفره، وأنّ الفتنة تكون بمعنى العذاب.
قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا).
يقول عذبوا المؤمنين والمؤمنات، وأنّ جميعَ ما ذكره اللهُ من الختمِ والطبعِ والتغشيةِ والإضلال إنما المقصدُ به الحكمَ والتسميةَ دونَ فعلِ شيءٍ في القلوب، وأن قوله: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى)، (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ)، (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا)، (وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا)، إننا لو شئنا أن نُجبرهم ونلجِئهم إلى ذلك، لفعلناه دونَ مشيئةِ ذلك على وجه الطوع والاختيار، وأنه ليس من شيءٍ يتعلّق به المثبتةُ إلا وقد أعدوا له عند أنفسِهم جوابا، وإذا كان ذلك كذلك، فجميع ما يتوهمونه متناقضاً من هذا الباب، فإنّه على خلاف ما توهموه من قولنا وقولِ المخالفين من أهل القبلة، وليس يجب على المسلم في جواب مما يتعلقون به أكثر من تخريجه وتصحيحه على بعض المذاهب والوجوه، وإذا كان ذلك بطل ما قالوه وكان الكلامُ معهم إذا صاروا إلى