بالسؤال هل الروحُ حيٌّ أم لا، وهل تبقى أم لا، وهل الروحاني روحاني
بمعنىً أو بنفسه، وإنَّما سألوا عن ماهية الروح ونعتِه كأنهم يعنون صورتَها
وهيئتَها، وإذا كان ذلك كذلك بطلَ ما قدَّروه.
وأما تعلّقهم بقوله: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ)، فإنّه تعلّق باطل، لأنهم لم يسألوه ما جنسُ الأهلة، ولم تطلعُ وتغرب، وكيف سَيرُها، وما جنسُ الزمانِ ومعناه، وإنَّما أرادوا لم
٥٥٥١، وُضعت الأهقة، ولماذا خُلقت، فقال: (هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ) أي: لهذا خُلقت ووضعت، لأجل ديونهم ومُدَدِ أعمالِهم وأجورهم، ومعرفة أوقاتِ حجهم وصيامِهم ووظائفِ دينهم، وقولُ من زعم أنّهم سألوا عن كيفية الأهلة الغامضة جهلٌ منه، ولو سألوا عن ذلك وهم يعنون بالكيفية جنسَ الهلالِ وطبيعتَه أو تقلُّبه وحركتَه، وعن جنسِ الوقتِ نفسِه وجنسِ التقدير، لأخبرهم بجميع ذلك.
فأما تعلّقهم بقوله: (أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (٦٧).
(وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا)، وأنه نقيض لقوله: (سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ (٣٦).
وأنّ ذلك إخبار بأنه قد خلق الأزواج كلها من أنفسهم
ومن أشياء أخر لا يعلمون، فإنّه أيضاً مما لا تعلق لهم فيه، لأنه لا يمكن أن
يكون إنّما أراد بقوله: (وَلَمْ تَكُ شَيْئًا) أي: أنّه لم يكن شيئا مذكوراً
ومدركاً وشيئاً عاملاً مكلفاً وشيئاً فطناً حاسا بل كان طينا جماداً إن كان عنى
آدمَ عليه السلام، أو نطفةً وماءَ مهيناً إن كان أراد المخلوق من ولده، وقولُ
المسلمين إنّه خلق الإنسان لا من شيء صحيح، وليس بنقيض لهذا الكلام.
لأنّه أرادَ أصولَ الأزواج وأوّل الحيوانات وعناصرَ الأشياء وليس الماءُ