قال الطرماح:
وأخو الهُمومِ إذا الهمومُ تحضّرتْ | جَنحَ الظلامُ وسادهُ لا ترقدُ |
وفكْرَه، فكذلك إنما ذَكَر اللهُ تعالى هذه الأشياء ووصفَها بهذه الصفة، وهو
يريدُ بذلك الوصفُ لغيرها الذي يشاهدُها ويعتبرُ بها، ويُفكرُ في خَلْقها.
وهذا أيضا ليس ببعيد، وإذا كان ذلك كذلك سقطَ ما توهموه من سقوط
معنى هذا الكلام وحصول الإحالة فيه.
وقد ذكروا أن مما لا معنى له في القرآن قولُه تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)، قالوا: وقد عَلِمَ كل سامعِ لهذا الكلام أنه لا معنى لقوله: بَلِّغْ (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ)، وأي فائدةِ في أن يُقال لمن لم يبلغ الرسالة:
اعْلمُ أنّك إن لم تبلغ فما بلغت.
يقال لهم: في هذا أجوبه:
أحدها: أنه إنما أرادَ بقوله تعالى - وهو أعلمُ - (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ) أي لم تبلغ كل ما أُرسلتَ به على كمالِه وتمامِه وترك الكتمان والطيِّ
لشيءً منه، ولم يردْ بقوله: (فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ) في الشيء الذي لم يبلِّغه
بعينه، فإن ذلك أمر معلوم على ما وصفتم، وإذا كان ذكر الرسالة مجملاَ
معرَّضا لأن يُرادَ به كل الرسالة على الاستيفاء لها والاستيعاب، وأنَّه يُعنى به
البعضُ منها دون جميعها كان حملُ الآية على هذا التأويل صحيحا ممكنا.
وأن يكون إنما حث على تبليغ الرسالة في شيءِ بعينه أوْحيَ إليه، قيل له فيه