وأما المنقول فقد أرسل إليه الرسل، وبين له الحق من الباطل، وأقام عليه الحجة (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) (النساء: ١٦٥).
والظلم الحقيقي أن يقول لك افعل، ثم تفعل ثم يعاقبك، أما أن يقول: لا تفعل ثم تفعل فيعاقبك فهذا ليس ظلما أبداً، ولو أن رجلا قال لولده: لا تفعل ثم فعل فعاقبه لعده الناس عدلا وتقويما لهذا الابن، فانظر إلى تلبيسهم ـ والعياذ بالله ـ ومجادلتهم، وإلى باطلهم.
ثم هم يقولون: إن الله تعالى لا يريد إلا ما أمر به فقط، فجعلوا الإرادة بمعنى الأمر، أي: الأمر الشرعي، وهذا باطل، لو قلنا إنه لا يريد إلا ما أمر به شرعا لكان أكثر الناس يعملون بغير إرادته؛ لأن تسعمائة وتسعاً وتسعين بالألف كلهم لا ينفذون مراد الله الشرعي، ولا شك أن هناك فرقا بين الرضا التابع للأمر وبين المشيئة الشاملة لما أمر به وما لم يأمر به.
***
وقد وافقهم على ذلك متأخروا الشيعة؛ كالمفيد، وأبي جعفر الطوسي وأمثالهما.
الشرح
عبر الشيخ ـ رحمه الله ـ هنا بالشيعة وكان فيما سبق يعبر بالروافض، فهم شيعة بحسب قولهم إنهم شيعة لعلي بن أبي طالب، وهم روافض