الحديث عن هذا الرجل الثقة، فلو روى إنسان غير ثقة عن الزهرى مثلاً، والزهري ثقة. روي عنه إنسان غير ثقه، فنحتاج أن نرى أحداً تابع هذا الراوي عن الزهري في روايته عن الزهري، فإذا وجدنا متابعاً قوي الحديث، أو مثلاً حديثاً آخر من طريق آخر غير طريق الزهرى يشهد لهذا الحديث فيسمى هذا شاهداً، وتتبعنا للطرق لأجل وجود متابع أو شاهد يسمى الاعتبار، وهذا معنى قول الإمام أحمد: ((لأعتبره)) أي لأجل أن أنظر هل له من يتابعه أو له حديث شاهد.
***
ولهذا عبد الله بن لهيعة يكثر الإمام أحمد من الرواية عنه في المسند كثيراً جداً لكن عبد الله بن لهيعة هذا من علم أنه سمع منه قبل احتراق كتبه كان حجة، ومن علم أنه سمع منه بعد ذلك كان مشكوكاً فيه وغير موثوق به؛ لأنه رحمه الله اختلفت حاله بعد احتراق كتبه، وإذا شككنا هل هو ممن سمع منه قبل أو بعد؛ فإننا نتوقف فيه بدون أن نرجح، لكن القسم الثاني نرجح أنه خطأ.
* * *
وكما أنهم يستشهدون ويعتبرون بحديث الذي فيه سوء حفظ، فإنهم أيضاً يضعفون من حديث الثقة الصدوق الضابط أشياء تبين لهم غلطه فيها بأمور يستدلون بها، ويسمون هذا: ((علم علل الحديث) وهو من أشرف علومهم، بحيث يكون الحديث قد رواه ثقة ضابط وغلط فيه، وغلطه فيه عرف، إما بسبب ظاهر؛ كما عرفوا أن النبي صلي الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال (١) وأنه صلى في البيت ركعتين (٢) وجعلوا رواية ابن عباس لتزوجها وهو محرم (٣)، ولكونه لم يصل مما وقع فيه الغلط، وكذلك أنه اعتمر أربع
_________
(١) رواه الترمذي، كتاب الحج باب ما جاء في كراهية ترويج المحرم (٨٤١).
(٢) أخرجه أحمد في المسند (٢/٤٦).
(٣) رواه البخاري، كتاب المغازى، باب عمرة لقضاء... ، رقم (٤٢٥٨)، ومسلم، كتاب النكاح، باب تحريم نكاح المحارم، وكراهة خطبته ١٤١٠، (٤٦، ٤٧، ٤٨).