ويجاب عن ذلك بأن الخطاب وإن كان له ﷺ إلا أن المراد أمته فهم مطالبون بترتيل وتجويد ما نزل إليهم من ربهم.
ولذلك نظائر كثيرة في كتاب الله من توجيه الخطاب لنبيه ﷺ والمراد أمته، من ذلك قوله تعالى: ﴿لاَ تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً﴾ ١. فمعلوم أنه ﷺ لا يجعل مع الله إلاهاً آخر ولا يقعد مذموماً مخذولاً.
ومن ذلك قوله تعالى: ﴿إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً﴾ ٢، ومعلوم أن والديه ﷺ قد ماتا قبل ذلك بزمن طويل فلا وجه لاشتراط بلوغهما أو أحدهما الكبر بعد أن ماتا منذ زمن طويل، إلا أن المراد التشريع لغيره صلى الله عليه وسلم٣. ومثل ذلك كثير.
فآية المزمل إنما تفيد التأكيد والالتزام بتلك الكيفية التي نزل عليها القرآن وبيان أنها أفضل مراتب القراءة وحض الأمة على الأخذ بها.
ولقد كان ﷺ هو المعلم الأول لهذه الأمة تلاوة كتاب ربهم وقراءته امتثالاً لأمر ربه حيث قال سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ ٤.
وتواتر ذلك في السنة: فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان رسول

١ سورة الإسراء آية: ٢٢
٢ سورة الإسراء آية: ٢٣
٣ أضواء البيان: ٣/٤٩٤
٤ سورة المائدة آية: ٦٧


الصفحة التالية
Icon