جليّه وأدركوا خفيّه وهم قليل من الناس١.
وربما قرأ الرجل فأعجب بنفسه وأعجب الحاضرون بقراءته ولكن أئمة التجويد والقراءة بحكم خبرتهم وثاقب نظرتهم يردون عليه ما قرأ ولا يعتبرونه شيئاً لإخلاله بقواعد التجويد من حيث لا يشعر.
أورد الداني بسنده عن هشام بن بكير٢ وكان هو وأبوه من القراء قال كنت عند عاصم٣ ورجل يقرأ عليه قال فما أنكرت من قراءته شيئاً قال فلما فرغ قال له عاصم والله ما قرأت حرفاً.
قال الداني معقباً على هذه الرواية: يريد أنك لم تقم القراءة على حدها ولم توف الحروف حقها، ولا احتذيت منهاج الأئمة من القراء، ولا سلكت طريق أهل العلم بالأداء، وهذا وما قدمناه دال على توكيد علم التجويد والأخذ بالتحقيق والله ولي التوفيق٤.
قلت: نعم إن للقراء فطنة ودراية عجيبة في استكشاف اللحن مهما دق وخفي فآذانهم أدق من موازين الذهب. وملاحظاتهم تنبيك بالعجب.
ولقد أدركت من شيوخ الإقراء من هذا حاله. فقد تلقيت في سن الطلب

١ التحديد للداني: ٨٤
٢ لم أعثر له على ترجمة.
٣ عاصم بن بهدلة بن أبي النجود أبو بكر الأسدي شيخ الإقراء بالكوفة. أحد القراء السبعة اختلف في سنة وفاته فقيل (١٢٧هـ‍) وقيل (١٢٨هـ‍)، قرأ على أنس بن مالك، وأخذ القراءة عرضاً على زر بن حبيش، وأبي عبد الرحمن السلمي، روى القراءة عنه أبان بن تغلب، وحفص بن سليمان، وحماد بن سلمة.
غاية النهاية: ١/٣٤٦، مشاهير علماء الأمصار: ١٦٥
٤ التحديد: ٨٥


الصفحة التالية
Icon