وكانت النخلة الواحدة ثمنها ثمن رصيف وأحب إليهم من رصيف أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها كما فعل عبد الله بن سلام فَبِإِذْنِ اللَّهِ خبر مبتداء محذوف يعنى فقطعه وتركه بإذن الله ليس فى شىء من ذلك اثم اخرج البخاري عن ابن عمران رسول الله - ﷺ - حرق نخل بنى نضير وقطع وهى البويرة هذه الاية كذا روى اصحاب الكتب واخرج ابو يعلى بسند ضعيف عن جابر قال رخص وقطع النخل ثم شدد عليهم فاتوا النبي - ﷺ - قالوا يا رسول الله هل علينا اثم فيما قطعنا وتركنا فانزل الله هذه الاية وَلِيُخْزِيَ الله بالاذن فى القطع الْفاسِقِينَ اليهود عطف على بإذن الله وعلة لمحذوف والجملة معطوفة على جملة تقريره وفعلتم او اذن لكم لنخزى هم على فسقهم بما غاظهم منه (مسئله) من هاهنا قال ابو حنيفة رح إذا حاصر الامام حصنا للكفار جاز ان يقطع أشجارهم ويفسد زروعهم وهدم بيوتهم ويحرقها قال ابن همام هذا إذا لم يغلب على الظن انهم ماخذون بغير ذلك فان كان الظاهر انهم مغلوبون وان الفتح لا بد منه كره ذلك لانه إفساد وفى غير محل الحاجة وما أبيح الا لها وقال احمد لا يجوز قطع أشجارهم الا بأحد الشرطين أحدهما ان يفعلوا بنا مثل ذلك ثانيهما ان يكون لنا حاجة الى قطع ذلك لنتمكن من قتالهم وقال الشافعي يجوز إتلاف بنائهم وشجرهم لحاجة القتال والظفر بهم وكذا ان لم يرج حصولها لنا فان رجى ندب الترك والدليل على جواز قطع الأشجار هذا الاية والحديثين المذكورين وما روى احمد عن اسامة بن زيد قال بعثني رسول الله - ﷺ - الى قرية قال أيتها صباحا ثم حرق قال ابن الجوزي احتجاجا لمذهبه انه قد روى أصحابنا ان النبي - ﷺ - كان إذا بعث جيشا قال لا تعود واعينا ولا تعقروا شجرا إلا شجر يمنعكم من القتال والحديثان يعنى حديث ابن عمر وحديث اسامة بن زيد محمولان على ما ذكرنا انتهى كلامه قلنا لا يجوز على ما ذكر ابن الجوزي لان بنى نضير لم يقطعوا أشجار المدينة قط ولا دليل على كون القطع لحاجة القتال بل الاية صريحة فى ان الأمر بالقطع كان لخزى الفاسقين وكبت اعداء الله وكسر شوكتهم لا لغرض اخر لكن الظاهر ان الفتح لم يكن غالبا فى الظن حين امر النبي - ﷺ - بقطع أشجارهم يدل على قوله تعالى ما ظننتم ان يخرجوا وظنوا ما نعتهم حصونهم وما روى اصحاب احمد حجة على عدم جواز القطع ان صح لا يمكن ان يكون معارضا لكتاب الله المستلزم للجواز والله اعلم قال البغوي فلما ترك بنو النضير رياعهم وضياعهم طلب المسلمون تقسيمها بيتهم كما فعل لغنايم خيبر فبين الله تعالى حكمها وقال.
وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ القى الرجوع وأفاء بمعنى عاد وقال الجوهري الفى الرجوع الى حالة محمودة قال الله تعالى حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا... فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ولما كان الرجوع يقتضى سبق الملك قال البيضاوي


الصفحة التالية
Icon