وفي الحديث: وكان القوم مسنتين، أي مجدبين أصابتهم السنة، وهي القحط والجدب.
وفي حديث أبي تميمة: الله الذي إذا أسنت أنبت لك، أي: إذا أجدبت أخصبك.
ويقال: تسنّت فلان كريمة آل فلان إذا تزوّجها في سنة القحط.
وفي «الصحاح» يقال: تسنّتها إذا تزوّج رجل لئيم امرأة كريمة، لقلّة مالها وكثرة ماله.
والسّنتة والمسنتة: الأرض التي لم يصبها مطر فلم تنبت، عن أبي حنيفة، قال: فإن كان بها يبيس من يبيس عام أوّل فليست بمسنتة، ولا تكون مسنتة حتى لا يكون بها شيء.
وقالوا: عام سنيت مسنت: جدب.
وسانتوا الأرض: تتبّعوا نباتها.
فأنت ترى أن «السنة» تصرفت بها العربية فكانت منها فوائد كثيرة.
٢٤- قال تعالى: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [الآية ٢٧٩].
قول تعالى: فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ [الآية] [٢٧٩] فاعلموا بها من «أذن بالشيء» إذا علم به، وقرئ: فأذنوا بها، والمعنى فأعلموا بها غيركم. وهو من الإذن وهو الاستماع، لأنه من طرق العلم.
وقرأ الحسن: فأيقنوا، وهو دليل لقراءة العامّة. فإن قلت: هلّا قيل بحرب الله ورسوله؟ قلت: كان هذا أبلغ لأنّ المعنى فأذنوا بنوع من الحرب عظيم عند الله ورسوله. «الزمخشري ١: ٣٢٢».
أقول: والإذن بمعنى الإعلام ليس ممّا نعرفه في غير هذه الآية.
أما قول الزمخشري إن الإذن هو الاستماع، فهو إشعار لنا أن «الإذن»، وهو المصدر من الفعل «أذن»، قد جاء من «الأذن»، وهي عضو السمع، كما أن «المعاينة» جاءت من العين، و «الأنفة» جاءت من الأنف.
٢٥- قال تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ [الآية ٢٨٦].
قال الزمخشري «في الكشاف ١:
٣٣٢» :

لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ، ينفعها ما كسبت من خير، ويضرّها ما


الصفحة التالية
Icon