المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الفاتحة» «١»
افتتح سبحانه كتابه بهذه السورة، لأنّها جمعت مقاصد القرآن، ولذلك كان من أسمائها: أمّ القرآن، وأمّ الكتاب، والأساس «٢». فصارت كالعنوان ببراعة الاستهلال.
قال الحسن البصري: إن الله أودع علوم الكتاب السابقة في القرآن، ثم أودع علوم المفصّل في الفاتحة. فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير جميع الكتاب المنزلة. أخرجه البيهقي في شعب الإيمان «٣».
وبيان اشتمالها على علوم القرآن قرره الزّمخشري، باشتمالها على الثناء على الله بما هو أهله، وعلى التعبّد، والأمر والنهي، وعلى الوعد والوعيد، وآيات القرآن لا تخرج عن هذه الأمور «٤».
قال الإمام فخر الدين: المقصود من القرآن كله، تقرير أمور أربعة:
الإلهيات، والمعاد، والنبوات، وإثبات القضاء والقدر.
فقوله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٢) يدل على الإلهيات، وقوله: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)
(٢). الكشّاف ١: ٤ بولاق. ومن أسمائها: السبع المثاني، والقرآن العظيم، والوافية والكنز (الإتقان: ١: ١٨٩- ١٩١).
(٣). الشعب، ٧٢ ورقة ٨٧ أ. دار الكتاب المصرية.
(٤). أنظر: الكشّاف: ١: ٤ وفيه (التعبد بالأمر والنهي).