المبحث الرابع لغة التنزيل في سورة «فصّلت» «١»
١- قال تعالى: ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ (١١).
أقول: لمّا أنزلت السماء والأرض منزلة الآدميّين، وذلك ظاهر من الآية في إسناد القول لهما، وصفتا بصفة العقلاء فقيل: طائِعِينَ، وهذه الصفة جمع مذكر للعاقل وهي منصوبة على الحال، وصاحبها مثنّى، وهذا موطن هذه المسألة اللطيفة، ولا أستطيع أن أقول إلا أنّ هذا من أسلوب القرآن الذي اقتضت حكمته أن يأتي على هذه الصورة خدمة لهذا النظم البديع.
٢- وقال تعالى: وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (٢٤) [الآية ٢٤].
والمعنى: وإن يسألوا العتبى، وهي الرجوع بهم إلى ما يحبّون، جزعا ممّا هم فيه لم يعتبوا، أي، لم يعطوا العتبى، ولم يجابوا إليها.
٣- وقال تعالى: وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ [الآية ٥١].
وقوله تعالى: وَنَأى بِجانِبِهِ، أي:
ثنى عطفه، وازورّ وتولّى بركنه.
أقول: وفي قوله تعالى وَنَأى بِجانِبِهِ، تصوير لحاله، وهو يتنكّر ويزور فيبتعد بجنبه إشارة إلى رفضه.

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «بديع لغة التنزيل»، لإبراهيم السامرّائي، مؤسسة الرسالة، بيروت، غير مؤرّخ.


الصفحة التالية
Icon