المبحث الخامس المعاني اللغوية في سورة «فصّلت» «١»
قال تعالى: كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ [الآية ٣] فالكتاب خبر المبتدأ، أخبر به أن التنزيل كتاب ثم قال سبحانه:
فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا [الآية ٣] بشغل الفعل بالآيات حتى صارت بمنزلة الفاعل، فنصب «القرآن».
وقوله تعالى: بَشِيراً وَنَذِيراً [الآية ٤] حين شغل عنه. وإن شئت جعلته نصبا على المدح، كأنه حينما أقبل سبحانه على مدحه فقال: «ذكرنا قرآنا عربيّا بشيرا ونذيرا» أو «ذكرناه قرآنا عربيّا» وكان فيما مضى من ذكره دليل على ما أضمر، وقال تعالى: وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ [الآية ٥] معناه، والله أعلم، «وبيننا وبينك حجاب»، ولكن دخلت «من» للتوكيد «٢».
وأمّا نصب سَواءً لِلسَّائِلِينَ (١٠) فبجعله مصدرا كأنه قال «استواء» «٣» وقد قرئ بالجرّ «٤» وجعل اسما للمستويات أي: في أربعة أيّام تامّة.
وأما قوله تعالى: خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ [الآية ٩] ثم قال: أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ [الآية ١٠] فإنما يعني أن هذا مع الأول،
(٢). نقله في زاد المسير ٧/ ٢٤١.
(٣). النصب قراءة عاصم وحمزة كما في معاني القرآن ٣/ ١٢ وفي الطبري ٢٤/ ٩٨ الى عامة قراء الأمصار، إلّا أبا جعفر، والحسن البصري، وأبا جعفر القارئ، وفي البحر ٧/ ٤٨٦.
(٤). في معاني القرآن ٣/ ١٢ نسبت الى الحسن، وفي الطبري ٢٤/ ٩٨ كذلك، وزاد في الجامع ١٥/ ٣٤٣ يعقوب الحضرمي، وفي البحر ٧/ ٤٨٦ زاد زيد بن علي، وابن أبي إسحاق، وعمرو بن عبيد وعيسى.