دونه، ويقولون إنّنا نعبدهنّ بمشيئة الله ولو شاء ما عبدناهنّ. وكانت مجرد أسطورة ناشئة عن انحراف في العقيدة.
وفي هذه السورة يناقشهم القرآن بمنطقهم هم، ويحاجّهم كذلك بمنطق الفطرة الواضح حول هذه الأسطورة التي لا تستند الى شيء على الإطلاق:
وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ (١٥) أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ (١٦) وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (١٧) أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ (١٨) وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ (١٩).
ثم يكشف القرآن الكريم عن سندهم الوحيد في اعتقاد هذه الأسطورة، وهو المحاكاة والتقليد، وهي صورة زريّة، تشبه صورة القطيع يمضي حيث هو، منساقا بدون تفكير.
ثم يبيّن القرآن، أن طبيعة المعرضين عن الهدى واحدة، وحجّتهم مكرورة بدون تدبّر لما يلقى إليهم، ولو كان أهدى وأجدى، ومن ثمّ لا تكون عاقبتهم إلّا التدمير والتنكيل، انتقاما منهم وعقابا لهم:
وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ (٢٣) قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (٢٤) فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (٢٥).
٢- مناقشة ومحاجة
تشتمل الآيات [٢٦- ٥٦] على القسم الثاني من السورة، وهو استمرار لمناقشة قريش في دعاويها. فقد كانت قريش تقول: إنها من ذريّة إبراهيم (ع) - وهذا حق- وإنها على ملّة إبراهيم (ع) - وهذا ادّعاء باطل- فقد أعلن إبراهيم (ع) كلمة التوحيد قوية واضحة، لا لبس فيها ولا غموض، ومن أجلها هجر أباه وقومه، بعد أن تعرّض للقتل والتحريق، وعلى التوحيد قامت شريعة إبراهيم (ع)، ثم أوصى بها ذريّته وعقبه، فلم يكن للشرك فيها أي خيط رفيع.
وفي هذا القسم من السورة يردّهم