فالله كامل الإرادة، مطدق التصرف، لا يسأله أحد عن فعل يفعله أو قول
يقوله لأن سلطانه على العالمين قائم.
أما الناس فليسوا مطلقى التصرف، ولا كاملى الإرادة، فالله يسألهم عما
يقولون وعما يفعلون ولا محالة.
وقد يسأل بعضهم بعضاً بما لأحدهم على الآخر من قوامة.
وهذا العموم فى تعيين السائل مأخوذ من بناء الفعل للمفعول ولو ذكر الفاعل لوجب الالتزام به.
فانظر إلى الأسلوب القرآني ودلالة ألفاظه كيف تكون.
(ب) ثلاثة مأخذ: أما البيت ففيه ثلاثة مآخذ فيما أرى - من حيث المعنى
تتنافى ومقام الفخر.
أولاً: التعبير بالقول دون الفعل حصر منهم للناس فيه دون غيره. والمقام
يقتضي أن تكون له سلطة تمنع الناس القول والفعل وإلا فإن مقومات الفخر عند الشاعر لم تُستكمل.
ثانياً: هو يقول: " وننكر إن شئنا على الناس قولهم "، فكان الأنسب
لتكون المقابلة تامة بين النظائر أن يقول في الشطر الثاني: " ولا ينكرون
قولنا "، لكنه أتى بالألف واللام عوضاً عن المضاف إليه فجاء المعنى
غامضاً الأنه يرد عليه سؤال مؤداه: قول مَن يا ترى الذي لا ينكرونه؟
ثالثاً: لا يدفع هذا الاعتراض بقوله في آخر البيت: " حين نقول " لأنها تبين
أن المراد بالقول قولهم هم لا قول غيرهم لأن هذه العبارة المقام يقتضي حذفها إذ تخص عدم المنع في حالة القول. والأولى أن يكون عدم المنع أو النكران مستمراً قبل وأثناء وبعد القول. هذا أولى ليكونوا أجلاء مهابين في جميع الأوقات، فأنت ترى إذن أن هذه العبارة قلقة أضرت بالمعنى ولم تأت إلا للوزن الشعرى.