ويصيرها كالقالب أو المنوال، ثم ينتقى لها التراكيب الصحيحة عند العرب باعتبار الإعراب والبيان.
(جـ) (لكل فن من فنون الكلام أسلوب خاص يميزه عما سواه من الفنون.
فأسلوب الشعر غير أسلوب النثر... وهكذا.
(د) إن الأساليب ليست من القياس في شيء.
بل هي هينة ترسخ في النفس من تتبع التراكيب العربية شِعراً ونثراً.
لجريانها على اللسان.
حتى تستحكم صورتها فيستفيد بها العمل.
ويلاحَظ أن ابن خلدون عندما تحدث عن الأسلوب إنما كان يضع نصب عينيه الأسلوب في الصناعة الشعر ية.
ولكنه عاد فعمم تلك القواعد التي يراها هو للأسلوب على المنظوم والمنثور إذ يقول: " وهذه القوالب كما تكون في المنظوم، تكون في المنثور ".
هذه خلاصة مفهوم الأسلوب عند أديب ناقد، هو عبد القاهر الجرجانى، وعالم مؤرخ هو عبد الرحمن بن خلدون، وإننا حين نقارن بين ما قرراه، لا نجد كبير خلاف بل هما ينزحان من دلو واحدة، وإن اختلفا في طريق الورود.
فقد رأينا الشيخ عبد القاهر يجعل الأسلوب منتزعاً من توخى معاني النحو بين الكلم، وفي نفس الوقت ينكر ابن خلدون هذا الفهم.
ويجعله خارجاً عن مفهوم الأسلوب.
ويخص ابن خلدون الأسلوب بالصور الذهنية المنتزعة من التراكيب الصحيحة وقد رأينا عبد القاهر لا يغفل قضية هذه الصور الذهنية.
بل يجعلها الأساس الذي يصنع التراكيب حين تؤدى أداءً لفظياً بحيث يكون الأداء اللفظي تابعاً لترتيب المعاني في النفس.