كثيراً من كتابات السابقين قدماء ومحدَثين. كما أننى أفرغت ما أملك من جهد، واستنفدت ما أجد من طاقة في التأمل والنظر في ما درستُ من نصوص قرآنية لم أجد لسابق فيها توجيهاً، أو وجدتُ ولكن لم يبلغ مرحلة الإقناع.
وإن كان هناك فَرق بين هذا البحث المتواضع، وبين ما سبقه من بحوث.
فإنه يهتم بالناحية الموضوعية غالباً. ولم يكتف بمجر التمثيل على فن بلاغى،
أو ملحظ بياني كما صنع جُلة الكاتبين إلا ندرة منهم، ويهتم هذا البحث كذلك بتتبع الظاهرة البيانية في القرآن مع سوق الدليل عليها، ولم يكتف بمجرد التعميم والوصف دون لفت النظر إلى الحقيقة المدروسة وتحديدها وإقامة الدليل عليها.
وكثير من الكاتبين يهملون هذا الجانب كالقاضي أبى بكر الباقلاني من
القدماء في كتابه " إعجاز القرآن "، وكمصطفى صادق الرافعي من المحدَثين
فى كتابه " إعجاز القرآن والبلاغة النبوية ".
ومن أبرز ما يهتم به هذا البحث الاعتماد على القرآن نفسه في استنتاج
ما أمكن استنتاجه. بالنظر في طرق الصياغة، وبالرجوع إلى أسباب النزول،
وبالوقوف على السابق واللاحق نزولاً، وبالتفريق بين ما هو مكى وما هو مدنى، وبقرائن الأحوال ومقتضيات المقامات، ثم بالرجوع إلى الدلالات اللغوية لألفاظه من حيث اللغة في نفسها، ومن حيث وجودها في سياق معيَّن.
وسيرى القارئ أن هذا الطابع هو الغالب على وسيلة الدرس في هذا البحث في كثير من موضوعاته.
* *
ولعلك تسأل الآن عن الخُطة التي اتبعت في هذا العمل. وأنا أستأذنك
لأختلس من وقتك قليلاً في بيان تلك الخُطة، وهي في إيجاز جاءت على
الصورة الآتية:
الباب الأول: مدخل إلى البحث. وتحته فصلان.
الأول: وظيفة التعبير اللغوي وتطورها.
وقد درستُ فيه كثيراً من المسائل كتعريف التعبير اللغوي


الصفحة التالية
Icon