ولبلوغ قلوبهم في القسوة درجة عظيمه عدل القرآن عن الإتيان بأفعل
التفضيل من الفعل نفسه: فلم يقل: " أقسى " بل: (أشَدُّ قَسْوَةً)، لأن
هذا التعبير أوضح في دلالته على المراد هنا ".
* صورة سادسة - الكافرون والظلمات:
(قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (١٦) أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ (١٧).
وقفنا في التشبيهات السابقة على تشبيه الكافر في الضلال بالأعمى
والأصم، كما شبَّه المؤمن في الهداية بالبصير والسميع.
وهنا في هذه الصورة الجديدة طائفة من التشبيهات..
منها تشبيه الكفر والضلال بالظلمات. وتشبيه الإيمان والهدى بالنور..
والمتأمل يجد لهذه المعاني روعة ودقة انسجام.
ففى جانب الكافر: عمى وظلمات.. والأعمى لا يبصر فهو دائماً في ظلام، وفي جانب المؤمن: إبصار ونور. والبصر دائماً في نور.