والتي تنقض غزلها خرقاء لا عقل لها ولا رشاد.. هي كمن يحرث في البحر
يكد ويتعب فيما لا يعود عليه بنفع.
والنقض في جميع استعمالاته يدور حول الإفساد والإبطال.
قال الراغب: " النقض انتشار العقد من البناء. والحبل والعقد وهو ضد
الإبرام. ومن نقض الحبل والعقد استعير نقض العهد.. ".
لذلك وقع التحذير بهذه الصورة لتكون أوقع في النفس. وأحرى بالالتزام.
ومنه التحذير من الإنفاق على غير الصفات المطلوبة.
قال سبحانه: (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (٢٦٦).
جاءت هذه الآية بعد ثناء على المنفقين في سبيل الله، ولا ينفقون إلا عن
إيمان به ورضا نفس وحب فيه، فكان فيها ترغيب لهم فيما استحقوا
عليه الثناء.
أما هذه الآية فجاءت مُحذرة من مخالفة الأصول الشرعية في الإنفاق.
قال الزمخشري: " وهذا مثل للذى يعمل الأعمال الحسنة لا يبتغى بها وجه
الله. فإذا كان يوم القيامة وجدها محبَطة فيتحسر حسرة مَن كانت له جنة من
أبهى الجنان وأجمعها للثمار فبلغه الكبَر. وله ذُرية ضعفاء - والجنة معاشهم -
فهلكت بالصاعقة ".
وإذا كانت هذه الآية مسوقة لتنفير الناس من الإنفاق على غير وجه الشرع
فقد حفلت الصورة الأدبية فيها بعبارات أدت المعنى على وجه حكيم.