وفى آية " الحج " جاء تمثيلهم بالسكارى. وقد مهَّد لهذا التشبيه بأهوال
تسلم مَن شاهدها إلى ما يشبه السُّكر من الذهول والهذيان وفقد الإدراك.
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (١) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (٢).
و (تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ) كناية عن صفة هي الفزع من شدة
الهول وانشغال كل امَرئ بما كسب: (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥).
وآية " المعارج " أبانت الأطوار التي ستئول إليها السماء إذ تكون كالمهل
وهو دردى الزيت كما سبق.
أما الجبال فستكون مثل الصوف المصبوغ التفرق. إذا طيرته الريح.
وجاء تشبيهم في " القمر " بالجراد المنتشر في الكثرة والانتشار، كما جاء
تشبيهم في " القارعة " بالفراش المبثوث، ووجه الشبه الكثرة والضعف
والتموج والاضطراب.
وقال في " المعارج ": (يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأجْدَاثِ سِراعاً كَأنهُمْ إلى
نُصُبٍ يُوفضُونَ)، الإيفاض: السرعة. والنُصب، كل ما نُصِبَ وعُبِدَ
من دون اللَه. وهذا التشبيه مقصود به الكافرون.
ففى التشبيه بإيفاضهم إلى النُصب تهكم بهم. وتوبيخ لهم.
كأنهم يسرعون نحو أصنامهم التي كانوا يعبدونها لتنجيهم مما هو واقع.