* وقفة تأمل:
هذه نصوص برزت فيها التشبيهات السلبية حسبما اتفقنا من قبل على هذه
التسمية.
وما هو حقيق بالملاحظة والتسجيل أن هذا النوع من التشبيه ذو خصائص مميزة يحسن بنا أن ننظر فيها.
أولاً: أنها صيغت على أسلوب التشبيه وليس بين الطرفين أدنى صلة.
والأداة إما مذكورة فيها - وهذا هو الغالب - وإما مقدرة - وهذا قليل - وقد ينصب النفي فيها على فعل فيه معنى التشابه مثل: (هَلْ يَسْتَوى الأعْمَى
والبَصِيرُ أمْ هَلْ تَسْتَوِى الظُلمَاتُ والنُّورُ) ؟.
ثانياً: أن هذه التشبيهات تكون حين يجرى القرآن الكريم مقارنة بين معنيين
ضدين أو كالضدين. وهذا الأسلوب غير معثور عليه خارج القرآن إلا نادراً.
وهو مع نُدرته ليس على طريقة هذه النصوص القرآنية. لما فيها من جدة
وجزالة. ومن النادر لهم قول داود الأنطاكى:
فَقُلْ لِمَنْ يَرْغَبُ فِى أسْمَرٍ... مَا الفضةُ البَيْضَاءُ مثْلُ النحَاسِ
وقال المتنبي: َ
مَا الَّذِي عِنْدَهُ تُدارُ المنَايَا... كَالَّذِي عِنْدَهُ تُدارُ الشمُولُ
ومن شواهد النحاة:
تَعَلمْ فَليْسَ المرْءُ يُولدُ عَالِماً... وَليْسَ أخُو عِلمٍ كَمَنْ هُوَ جَاهِلُ
وأثر الاقتباس من القرآن ظاهر في البيت الأخير.
أما قول الأنطاكي السابق فمعناه: بارد لا عاطفة فيه.
وقريب منه بيت المتنبي.


الصفحة التالية
Icon