ومهما كان الخلاف فإن المشاكلة من أساليب البلاغة الأصيلة وليست محسناً
ثانوياً كما يقال عنها، ولها فوق ما تؤديه من خدمة للمعاني وظيفة من حيث
اللفظ لا يُستهان بها، هي: أن المشاكلة بالجُناس من حيث تماثل اللفظين، بل
من الجُناس التام لاتفاق اللفظين في جنس الحروف وعددها وهيئتها وترتيبها.
ولا فرق بينها إلا من حيث المعنى، وللجُناس وظيفة سنذكرها في موضعها،
وما دامت المشاكلة شبيهة بالجُناس - بل التام منه - فإن ما يثبت له من مزايا
يثبت لها كذلك.
٤ - صحة الأقسام:
عرفه ابن أبى الإصبع تحت هذا العنوان بقوله: " صحة الأقسام عبارة عن
استيفاء المتكلم جميع أقسام العتى الذي هو آخذ فيه، بحيث لا يغادر
شيئاً".
وعرفه أبو هلال تحت عنوان: " صحة التقسيم " فقال: " التقسيم الصحيح
أن تقسم الكلام قسمة مستوية تحتوي على جميع أنواعه ولا يخرج منها جنس
من أجناسه ".
وعرفه ابن سنان فقال: " أما الصحة في التقسيم فأن تكون الأقسام المذكورة، لم يخل بشىء منها، ولا تكررت ولا دخل بعضها تحت بعض ".
وقد تحدث عنه آخرون كعبد القاهر في " الدلائل "، وابن الأثير وغيرهما
وكلهم يرفعون من شأنه، ويظهرون الاهتمام به، وقد أفاض ابن أبى الإصبع
فى التمثيل له من القرآن الكريم وبدأ بقوله تعالى: (هُوَ الذىِ يُرِيكُمُ البَرْقَ
خَوْفاً وَطمَعاً).. إذ ليس في رؤية البرق إلا الخوف من الصواعق،
والطمع في الأمطار. ولا ثالث لهذين القسمين..
ثم أخذ يبين سر تقديم الخوف


الصفحة التالية
Icon