قوله تعالى: (ثُمَّ أوْرَثْنَا الكتَابَ الَّذِينَ اصْطفَيْنَا مِنْ عبَادنَا)
فإنه حيث قال: " فمنهم " لزم استَيفاء الأقسَام الثلاثة، ولو اقَتصَر على قسمين منها لم يجز، وأما هذه الآية التي هي: (لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ) فإنه إنما خص أصحاب الجنة بالذكر للعلم بأن أصحاب النار لا فوز لهم، وَلو خص أصحاب النار بالذكر لعلمَ أيضاً ما لأصحاب الجنة وكذلك كل ما يجرى هذا المجرى فإنه إنما ينظر فيه إلى المستبهم وغير المستبهم فاعرفه ".
٥ - المذهب الكلامي:
سبق أن أبا هلال حين تعرض لهذا الفن نفى أن يكون منه شىء في القرآن
الكريم، متابعاً في ذلك ابن المعتز، بحجة أنه مظنة التكلف فالقرآن منزه
عنه. ولم يسلم هذا الزعم من التعليقات، فابن أبى الإصبع يقول:
" الذي ذكره ابن المعتز أن الجاحظ سماه هذه التسمية وزعم أنه لا يوجد منه شيء فى القرآن، والكتاب الكريم مشحون به، منه قوله تعالى - حكاية عن الخليل عليه أفضل الصلاة والسلام -: (وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ)... إلى قوله تعالى:
(وَتلكَ حُجتُنَا آتَيْنَاهَا إبْرَاهِيمَ عَلى قَوْمِه)..
ثم ذكر تعريفه فقال:
" إنهَ احتجاج المتكلم على ما يريد إثباته بحجَة تقطع المعاند له فيه على طريقة
أرباب الكلام ".
وفي هامش الصناعتين:
" هو إيراد حجة للمطلوب على طريقة أهل الكلام، وهو أن تكون المقدمات بعد تسليمها مستلزمة المطلوب "..
ومؤدى التعريفين واحد كما ترى.