فالجائي: أمر ربك لا ربك. لاستحالة ذلك عقيدة.
والآتى البنيان من القواعد: أمر الله لا الله نفسه.
والمحرم: الاستمتاع بالأمهات لا ذواتهن،
وأكل الميتة. والطيبات: لا ذوات الميتة أو الطيبات.
والمسئول: أهل القرية. وأهل العير لا القرية نفسها. ولا العير نفسها.
والمرسل إليه شعيب: أهل مدين لا مدين... وهكذا.
والذي يهمنا في هذه المواضع السر البلاغي في الحذف لا تقصي أمثلته،
والذي أراه في هذا العبارات وما أشبهها من كل موضع حُذفَ فيه المضاف وأُقيم المضاف إليه مقامه: أن سر الحذف فيه بلاغياً هو إظهارَ المعنى في صورة أتم وأوضح. وعلى وجه أقوى وأشمل.
* *
* مناقشة مثالين:
أولهما: (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (٨٢).
هذه مقولة أخوة يوسف لأبيهم عندما أرادوا أن ينبئوه نبأ سرقة
بنيامين أخيهم صواع الملك.
وسبق أن نبأوه نبأ فقد يوسف شقيق بنيامين بأن الذئب أكله فحصل عنده -
أى أبيهم - شك فيما قالوا.
لكنهم في هذه الحالة الأخيرة صادقون. وهم يعلمون أن هذا الخبر سيفجر فى
نفس أبيهم كثيراً من هواجس الريب والظن.
فالمقام مقام إتهام لهم وإنكار لما يقولون.
فأرادوا أن يُعبروا عن صدقهم وأنهم في هذا الخبر صادقون.
فبالغوا فى تصوير صدقهم وادعوا أن أمر السرقة شاع حتى إن القرية كادت تعلم به ولو سألتها لأجابت فما بالك بأهلها؟ وحتى إن العير - التي هي حيوان أعجم -