والسلام، وهو أبو العرب، وأبو بني إسرائيل كما قال تعالى: ﴿ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل﴾. وهو الذي أمرنا الله تعالى أن نتبع ملته، قال الله تعالى: ﴿ثم أوحينآ إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفًا وما كان من المشركين﴾. ولهذا ادعت اليهود أن إبراهيم يهودي، والنصارى ادعوا أنه نصراني، ولكن الله تعالى كذبهم في ذلك، فقال: ﴿ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفًا مسلمًا وما كان من المشركين﴾.
يقول الله - عز وجل -: ﴿إذ دخلوا عليه فقالوا سلاماً﴾ يحتمل أن ﴿إذ دخلوا﴾ متعلق بقوله (المكرمين) يعني الذين أكرمهم حين دخولهم عليه، ويحتمل أنها مفعول لفعل محذوف، والتقدير: اذكر إذ دخلوا على إبراهيم ﴿فقالوا سلاماً قال سلام قوم منكرون﴾ (قالوا سلاماً)، أي: نسلم سلاماً، وعليه فسلاماً مصدر عامله محذوف، والتقدير: نسلم، ﴿قال سلام﴾ مبتدأ خبره محذوف، والتقدير: عليكم سلام، وعلى هذا فيكون التسليم هنا ابتداؤه بالجملة الفعلية، وجوابه بالجملة الاسمية، والجملة الاسمية تفيد الثبوت والاستمرار، ولهذا قال العلماء - رحمهم الله -: إن رد إبراهيم عليه الصلاة والسلام أكمل من تسليم الملائكة، لأن تسليم الملائكة جاء بالصيغة الفعلية، ورد إبراهيم جاء بالصيغة الاسمية، ﴿قوم منكرون﴾، قوم خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: أنتم قوم، وإنما قال إنهم قوم؛ لأنهم بصورة البشر، وقوله: ﴿منكرون﴾ أي: غير معروفين، كما قال تعالى: ﴿فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفةً﴾. في هذه الآية شاهد لحذف المبتدأ، وحذف الخبر، والشاهد