السعي، كل هذا مما يدل على أن الغلام الحليم غير الغلام العليم، بشروه بغلام عليم، وهذه بشارة بثلاثة أشياء:
أولاً بأنه سيأتيه مولود يصل إلى أن يكون غلاماً، ثانياً: أن هذا المولود ذكر لا أنثى لقوله (غلام)، ثالثاً: أنه عليم أي ذو علم، وكل هذه البشارات عظيمة، كل واحدة تكفي أن تكون بشارة ﴿فأقبلت امرأته في صرة﴾ امرأته هذه: سارة أم إسحاق، أقبلت لما سمعت البشرى ﴿في صرة﴾ في صيحة سرور، لأنها جاءتها هذه البشرى بعد أن تقدمت بها السن، تصيح وكأنها والله أعلم تقول: غلام غلام، ﴿فصكت وجهها﴾ أي ضربته بيدها كالمتعجبة، كما يصنع الناس إلى اليوم إذا أتاهم خبر نادى: الله أكبر.
وضرب على وجهه ﴿وقالت عجوز عقيم﴾ عجوز خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: أنا عجوز عقيم، فكأنها تعجبت أن تحصل لها البشرى بهذا الغلام العليم، بعد أن تقدمت بها السن وعقمت من الولد، ولكنهم بينوا لها السبب الوحيد الذي به وجد هذا الولد، فقالوا: ﴿كذلك قال ربك﴾ أي مثلما قلنا وبشرنا به، قال الله - عز وجل - وانظر إلى قوله: ﴿قال ربك﴾ حيث أضاف الربوبية هنا إلى هذه المرأة العجوز العقيم الكبيرة، إشارة إلى أن هذا من عناية الله بها، لأن إضافة الربوبية إلى الشخص المعين تكون ربوبية خاصة، والربوبية العامة لكل أحد، والله رب كل شيء، والخاصة ليست لأحد إلا لمن كان خاصًّا بالله، قال الله عز وجل: ﴿قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون﴾ الربوبية العامة ﴿برب العالمين﴾، والربوبية الخاصة ﴿رب موسى وهارون﴾، هنا قالوا لها: {قال