قست قلوبهم فإنهم لن ينتفعوا بالآيات، قال الله تعالى: ﴿وما تغنى الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون﴾ نسأل الله أن يجعلنا من المنتفعين بالآيات.
﴿وفي موسى إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين﴾ يعني في موسى آيات من آيات الله عز وجل، حين أرسله الله تعالى إلى فرعون، وفرعون علم جنس على كل من حكم مصر وهو كافر، وموسى بن عمران عليه السلام أفضل أنبياء بني إسرائيل، وهو في المرتبة الثالثة من الفضل بالنسبة لأولي العزم الخمسة، فإن أفضلهم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم نوح، وعيسى عليهم الصلاة والسلام، أرسله الله تعالى ﴿بسلطان مبين﴾، أي: بحجة بينة في نفسها مبينة لغيرها، فالآيات التي جاء بها الأنبياء بينات واضحة لكل ذي عدل وإنصاف، وهي أيضاً مبينة لصدق ما جاءت به الرسل، ولهذا اعلم أنه كلما جاء في القرآن كلمة: (مبين) فهي بمعنى مبين في ذاته، مبين لغيره، إلا ما دل السياق أن المراد البين في ذاته، فمن الآيات العظيمة التي جاء بها موسى، عصا موسى، التي كان يستعملها ويتوكأ عليها عند الحاجة، ويهش بها على غنمه أوراق الشجر عند رعيها، وله فيها حاجات أخرى، كما قال هو عليه الصلاة والسلام لما سأله الله ﴿وما تلك بيمينك يموسى قال هي عصاى أتوكؤا عليها وأهش بها على غنمى ولى فيها مأرب أخرى﴾. فهي آية في كونه إذا وضعها على الأرض صارت ثعباناً مبيناً، أي: حية عظيمة تخيف من رآها، ولهذا رهب منها موسى عليه الصلاة والسلام


الصفحة التالية
Icon