حين ألقاها وولى هارباً، فناداه الله - عز وجل - (لا تخف) ومنها أنه يدخل يده في جيبه فتخرج بيضاء في الحال، بيضاء لكن بدون سوء.
أي بدون عيب يعني ليست بيضاء برص، ولكنها بيضاء مخالفة للون جلده في الحال، حقيقة لا تخيلاً، وقال الله تعالى في سورة الإسراء: ﴿ولقد ءاتينا موسى تسع ءايات بينات﴾ المهم أنه أتى إلى فرعون بسلطان مبين وحجة دامغة بالغة، لكنه - والعياذ بالله - ﴿فتولى بركنه﴾ أي: بقوته وسلطانه وجنده، أعرض عن موسى استكباراً وجحوداً وظلماً وعدواناً، قال الله تعالى: ﴿وجحدوا بها واستيقنتهآ أنفسهم ظلماً وعلواً﴾. ﴿وقال ساحر أو مجنون﴾ يعني أنه اتهم عليه الصلاة والسلام بأنه ساحر، لأنه أتى بآيات تشبه ما يصنعه السحرة، عصا من خشب توضع في الأرض وتكون ثعباناً مبيناً، ويد تدخل في الجيب وتخرج بيضاء في الحال، هذا يشبه السحر، أو ﴿مجنون﴾، وذلك بكونه يدعي أن الله وحده خالق السموات والأرض وهو الرب وهو الإله، لأنهم كانوا لا يعرفون الإله إلا فرعون، فإذا جاء شخص يقول: إن الله هو رب العالمين، وأن فرعون ليس إلهاً ولا ربًّا. فإنهم يرمونه بالجنون، هذا مجنون خرج عما نعهد، قال الله تعالى: ﴿فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم وهو مليم﴾ أي طرحناهم فيه، واليم هو البحر، والبحر الذي هلك فيه فرعون هو البحر الأحمر، الذي بين آسيا وأفريقيا، وذلك أن فرعون جمع جنوده وحشدهم وأراد أن يقضي على موسى وقومه، فخرج موسى عليه السلام وقومه من مصر متجهين إلى الشرق، ولكن حال بينهم وبين مرادهم البحر، فلما وصلوا إلى البحر كان


الصفحة التالية
Icon