أصابهم». لا يلزم منه أن يراد به ما أصابهم من العذاب الجسمي قد يكون المراد ما أصابهم من العذاب الحسي، وما أصابهم من الإعراض والكفر.
فلو قال قائل: إنه يوجد أناس يذهبون إلى هذه الأماكن وهم غير باكين ولم يصابوا بشيء.
فنقول: الجواب عن هذا من وجهين:
أولاً: أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يؤكد أن يصابوا بهذا، ولكن قال: «حذار أن يصيبكم مثل ما أصابهم» (١).
الوجه الثاني: أن نقول: لا يتعين أن يكون المراد بذلك أن يأخذوا بما أخذ به هؤلاء من العقوبة الحسية الظاهرة، وهي الرجفة والصيحة التي أماتتهم عن آخرهم، فقد يكون المراد مرض القلب، الذي هو الاستكبار والإعراض ورد الحق.
﴿إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين﴾، هذا الحين هو ثلاثة أيام ﴿فعتوا عن أمر ربهم﴾ أي: فأبوا ولم يرجعوا عن غيهم ﴿فأخذتهم الصاعقة﴾ التي صعقتهم، وهي رجفة وصيحة، ﴿وهم ينظرون﴾ أي: ينظر بعضهم إلى بعض يتهاوون ويتساقطون أمواتاً ﴿فما استطعوا من قيام﴾ أي: ما استطاعوا أن يقوموا ﴿وما كانوا منتصرين﴾، أي: لم يتمكن بعضهم أن ينصر بعضاً، بل كلهم هلكوا عن آخرهم، وهكذا يفعل الله تعالى بمن كذب أولياءه، وهكذا يفعل الله تعالى بمن كذب رسله عليهم الصلاة والسلام،
_________
(١) أخرجه مسلم في الموضع السابق (٢٩٨٠) (٣٩).