الله، والفرار إلى الله يكون بالقيام بطاعته واجتناب نواهيه، لأنه لا ينقذك من عذاب الله، إلا أن تقوم بطاعة الله، فكأن الإنسان إذا قام بطاعة الله عز وجل كأنه فر من عدو، أرأيت لو أن وادياً عرماً يهدر، أقبل عليك فإنك لن تقف أمامه، بل تهرب منه وتفر منه، كذلك لو أن حريقاً ملتهباً أقبل إليك فإنك لن تقف بل تفر، كذلك نار جهنم أشد وأعظم وأولى بالفرار منها، ولهذا قال: ﴿ففروا إلى الله﴾، أي: من عذاب الله ﴿إني لكم منه نذير مبين﴾ أي: منذر ﴿مبين﴾ أي: مظهر لما أنذر به ومبين له، فهو عليه الصلاة والسلام نذير من الله تعالى لعباده، ينذر من خالف أمره بالعذاب، ومع هذا هو ﷺ بشير لمن آمن وأطاع بالجنة والسعادة في الدنيا والآخرة، كما قال الله تعالى: ﴿من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياةً طيبةً ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون﴾ لكن الله تبارك وتعالى يذكر الإنذار فقط في مقام التهديد والوعيد، وهذه السورة كلها ذكر للأمم السابقين وما حل بهم من العقوبة لمخالفتهم أمر الله تبارك وتعالى، ﴿ولا تجعلوا مع الله إلهاً ءاخر﴾، أي: لا تجعلوا معه معبوداً تعبدونه، والمعبود أنواع وأصناف، فمن الناس من يعبد الشمس، ومنهم من يعبد القمر، ومنهم من يعبد النجوم، ومنهم من يعبد الحيوان، ومنهم من يعبد الشجر، ومنهم من يعبد الحجر، ومنهم من يعبد المال، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط


الصفحة التالية
Icon