يشربوا، ولا أن يتمتعوا كما تتمتع الأنعام، وإنما خلقوا لعبادة الله، وخلق لهم ما في الأرض، فنحن مخلوقون للعبادة، وكل ما في الأرض مخلوق لنا، ﴿هو الذي خلق لكم ما في الأَرض جميعاً﴾ والعجب أن قومنا الآن اشتغلوا فيما خلق لهم عما خلقوا له، وهذامن السفه أن يشتغلوا بشيء خلق لهم، عن شيء خلقوا من أجله. والعبادة تطلق على معنيين:
المعنى الأول: التعبد، يعني فعل العبد، فيقال: تعبد لله عبادة.
والثاني: المتعبد به، وهذا المعنى قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: إنه (اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة)، فهي اسم جامع لكل شيء، فالصلاة عبادة، والصدقة عبادة، والصوم عبادة، والحج عبادة، والأمر بالمعروف عبادة، والنهي عن المنكر عبادة، وكل ما يقرب إلى الله من قول، أو فعل فإنه عبادة. ﴿إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين﴾ هو الرزاق يعني هو صاحب العطاء الذي يعطي، فالرزق بمعنى العطاء، ومنه قوله تعالى: ﴿وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه﴾ أي: أعطوهم، وكلمة (الرزاق) أبلغ من كلمة (الرازق) ؛ لأن (الرزاق) صيغة مبالغة تدل على كثرة الرزق، وعلى كثرة المرزوق، فرزق الله تعالى كثير باعتبار كثرة المرزوقين، فكل دابة في الأرض على الله رزقها، من إنسان وحيوان، ومن طائر وزاحف، ومن صغير وكبير، ولا يمكن أن نحصي أنواع المخلوقات على الأرض، ولو قلت لك أحص