به، هذه والله جملة عظيمة مؤثرة، لكنها لا تؤثر إلا على قلب لين كلين الزبد أو أشد، أما القلب القاسي فلا يهتم بها، تمر عليه وكأنه حجارة، وكان عمر - رضي الله عنه - إذا قرأ هذه الآية يمرض حتى يعُاد، يمرض من شدة ما يقع على قلبه من التأثر حتى يُعاد، فإذا كان واقعاً وليس له دافع أليس الجدير بنا أن نخاف؟ بلى والله، هذا هو الجدير، وقوله: ﴿إن عذاب ربك لواقع﴾ يعني لابد أن يقع، ولكن هل هذا التأكيد بالنسبة لعذاب المؤمنين أو لعذاب الكافرين؟ لننظر قال الله تعالى: ﴿سأل سآئل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج﴾. فضم هذه الآية إلى الآية التي في الطور تجد أن قوله: ﴿إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع﴾.
على الكافرين، فعذاب الله على الكافرين ليس له دافع، لا أحد يدفعه، لا قبل وقوعه ولا بعد وقوعه، ولهذا لا تنفعهم الشفاعة فيرفع عنهم العذاب، أما عذاب الله للمؤمن المذنب فإن الأصل أنه واقع، كل ذنب توعد الله عليه بالعذاب فالأصل أنه واقع، لكنه مع ذلك قد يرفع بفضل من الله - عز وجل - وقد يرفع بالشفاعة، وقد يرفع بأعمال صالحة تغمر الأعمال السيئة، أما ترى أن الله يقول: ﴿إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء﴾. ألم تعلم أن النبي ﷺ قال: «ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفَّعهم الله فيه» (١) فيرتفع عنه العذاب. وعلى هذا نقول: عذاب الله واقع على الكافرين لا محالة، ولا دافع له، أما على
_________
(١) أخرجه مسلم، كتاب الجنائز، باب من صلى عليه مائة شفعوا فيه (٩٤٧).