أي مصفوف بعضها إلى بعض، يصفها الخدم والولدان، ﴿وزوجنهم بحور عين﴾، أي: قرناهم بحور عين، والحور جمع حوراء، والعين جمع عيناء، والأصل الحور هو البياض، وأما العيناء فهي التي كانت جميلة العين في سوادها وبياضها، فهن حسان الوجوه، حسان الأعين، ثم قال - عز وجل - ﴿والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمن ألحقنا بهم ذريتهم﴾ أي: الذين آمنوا واتبعتهم الذرية بالإيمان، والذرية التي يكون إيمانها تبعاً هي الذرية الصغار، فيقول الله -عز وجل - ﴿ألحقنا بهم ذريتهم﴾ أي: جعلنا ذريتهم تلحقهم في درجاتهم، وأما الكبار الذين تزوجوا فهم مستقلون بأنفسهم في درجاتهم في الجنة، لا يلحقون بآبائهم، لأن لهم ذرية فهم في مقرهم، أما الذرية الصغار التابعون لآبائهم فإنهم يرقون إلى آبائهم، وهذه الترقية لا تستلزم النقص من ثواب ودرجات الآباء، ولهذا قال: ﴿ومآ ألتنهم من عملهم من شيء﴾ أي: نقصناهم، يعني أن ذريتهم تلحق بهم، ولا يقال: أخصم من درجات الآباء بقدر ما رفعت من درجات الذرية، ﴿كل امرىء بما كسب رهين﴾ هذه قاعدة عامة في جميع العاملين أن كل واحد فإنه رهين بعمله لا ينقص منه شيء، أما الزيادة فهي فضل من الله تبارك وتعالى على من شاء من عباده ﴿وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون﴾ أمدهم الله تعالى، أي: أعطاهم عطاء مستمراً إلى الأمد وإلى الأبد بفاكهة وهي ما يتفكه به من المأكولات، ﴿ولحم مما يشتهون﴾ أي: مما يشتهونه ويستلذونه، وقد بين الله تبارك وتعالى نوع هذا اللحم بأنه لحم طير، وهو أشهى ما يكون