وأما الدعاء بمعنى السؤال ففي قوله تعالى: ﴿وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لى وليؤمنوا بى لعلهم يرشدون﴾.
فقولهم: ﴿إنا كنا من قبل ندعوه﴾ يشمل دعاء العبادة كالصلاة، والصدقة، والصيام، والحج، وبر الوالدين وصلة الأرحام، كل هذا دعاء، وإن كان هو عبادة، فلو سألت الداعي لماذا تعبد الله، ولو سألت العابد لماذا تعبد الله؟ لقال: أرجو رحمته وأخاف عذابه، فتكون هذه العبادة بمعنى الدعاء، كذلك ندعوه دعاء مسألة، لا يسألون غير الله ولا يلجئون إلا إلى الله، لأنهم يعلمون أنهم مفتقرون إليه، وأنه هو القادر على كل شيء ﴿إنه هو البر الرحيم﴾ (البر) بمعنى الواسع الإحسان والرحمة، ومن ذلك البرية، للمكان الخالي من الأبنية، فالمعنى أنه جل وعلا واسع الإحسان والعطاء والجود (الرحيم) أي ذو الرحمة البالغة، يرحم بها من يشاء من عباده تبارك وتعالى، وفي هذه الآيات بيان نعيم أهل الجنة، وفيها أيضاً أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر عذاب أهل النار ذكر نعيم أهل الجنة، لأن هذا القرآن الكريم مثاني تثنى فيه المعاني، إذا ذكر فيه الخير ذكر فيه الشر، وإذا ذكر فيه نعيم المتقين ذكر فيه جحيم الكافرين، وهكذا حتى يكون قارىء القرآن بين الخوف والرجاء، إن قرأ آيات النعيم رجا، وإن قرأ آيات العذاب خاف، فيعبد الله تبارك وتعالى بهذا وهذا، نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل الجنات الناجين من الدركات، إنه على كل شيء قدير.
﴿فذكر فمآ أنت بنعمة ربك بكاهن ولا مجنون﴾،


الصفحة التالية
Icon