والتحدي أيضاً، تربصوا بهذا الشاعر ريب المنون، وانظروا هل يموت وتموت دعوته، أو أنكم أنتم تموتون وتموت معارضتكم، ﴿فإني معكم من المتربصين﴾ يعني فأنا منتظر أيضاً، انتظروا أنتم، وأنا أنتظر لمن تكون العاقبة، وصارت العاقبة والحمد لله للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ﴿أم تأمرهم﴾ أم هنا نقول: إنها منقطعة، وأم المنقطعة تقدر ببل، والتقدير: بل أتأمرهم؟ وهذا انتقال من الأول إلى الثاني ﴿أم تأمرهم أحلمهم بهذآ﴾ فيقولون: إنه مجنون إنه كاهن، إنه شاعر، هل عقولهم تأمرهم بهذا؟ الجواب: ﴿أم تأمرهم أحلمهم بهذآ﴾ أي بل لا تأمرهم عقولهم بهذا، وكثير منهم يعلم أن محمداً رسول الله ﷺ حق، لكن غلبتهم الكبرياء - والعياذ بالله - فأنكروا وكذبوا ولهذا قال: ﴿أم هم قوم طاغون﴾ أي: بل هم قوم طاغون معتدون ظالمون، وأصل الطغيان مجاوزة الحد، كما في قوله تعالى: ﴿إنا لما طغا الماء﴾ أي: ازداد وارتفع عن عادته ﴿حملناكم في الجارية﴾ بل هم قوم طاغون.
﴿أم يقولون تقوله﴾ أم هنا منقطعة بمعنى بل والهمزة، والمعنى بل أيقولون تقوله أي: اختلقه وكذب به، وهذاقسم منهم، قالوا: محمد عليه الصلاة والسلام تقوَّل هذا القرآن واختلقه من عنده، وبعضهم يقولون: إنما يعلمه بشر ﴿بل لا يؤمنون﴾ يعني بل هم لا يؤمنون، ولو آمنوا لعلموا أن القرآن لا يمكن أن يتقوَّله بشر، لأن كلام الله عز وجل لا يشبهه أي كلام، ثم تحداهم فقال: ﴿فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين﴾ يعني إذا