والحروب وغير ذلك مما كان قبل الموت ﴿ولكن أكثرهم لا يعلمون﴾، بل أكثرهم في غفلة عن هذا، ولا يظنون أن ذلك من العذاب في شيء.
﴿واصبر لحكم ربك﴾ اصبر يا محمد عليه الصلاة والسلام، والصبر حبس النفس عما لا ينبغي فعله، وقوله ﴿لحكم ربك﴾ يشمل الحكم الكوني، والحكم الشرعي، يعني اصبر لما حكم به ربك من وجوب إبلاغ الرسالة وإن أصابك ما يصيبك، واصبر لحكم ربك القدري الكوني، وهو ما يقدره الله تعالى عليك من هؤلاء السفهاء من السخرية والعدوان والظلم، ولقد أوذي النبي ﷺ كما أوذي إخوانه من المرسلين، أوذي إيذاءً عظيماً، وضع الكفار سلا الجزور على ظهره وهو ساجد تحت الكعبة، في أأمن مكان (١)، وضرب، ورمي بالحجارة حين خرج إلى أهل الطائف حتى أدموا عقبه صلوات الله وسلامه عليه، ولم يفق إلا وهو في قرن الثعالب (٢)، ويلقون القاذورات والأنتان على عتبة بابه عليه الصلاة والسلام، ويقول: «أي جوار هذا» وهذا من امتثال أمر الله، حيث قال الله له: ﴿واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا﴾ أي: فإننا نراك بأعيننا ونراقبك ونلاحظك، ونعتني بك، وهذا كما يقول القائل لمن أشفق عليه وأحبه: أنت في عيني، ومن المعلوم أن
_________
(١) أخرجه البخاري، كتاب الوضوء، باب إذا ألقي على ظهر المصلي قذر أو جيفة لم تفسد عليه صلاته (رقم ٢٤٠) ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب ما لقي النبي ﷺ من أذى المشركين والمنافقين (رقم ١٧٩٤).
(٢) أخرجه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب إذا قال أحدكم آمين (رقم ٣٢٣١)، ومسلم كتاب الجهاد والسير، باب ما لقي النبي ﷺ من أذى المشركين والمنافقين (رقم ١٧٩٥).