هذه الأصنام إلا مجردأسماء لا حقيقة لها، سموها إلهاً معبوداً، ولكنه لا حقيقة لذلك، ما هي إلا مجرد أسماء، والاسم لا يدل على مسماه، فلو أنك سميت الحديد خشباً، ما صار خشباً، ولو سميت الخشب حديداً، ما صار حديداً، ولو سميت البغل حماراً، لم يكن حماراً، وهكذا هذه الأصنام يسمونها آلهة، ولا تكون إلهاً، بل مجرد اسم، والاسم بلا مسمى لا فائدة منه، ولهذا قال ﴿إن هي﴾، أي: ما هذه الأصنام والمسميات ﴿إلا أسماء سميتموهآ أنتم وءابآؤكم مآ أنزل الله بها من سلطان﴾، المخاطبون هم الذين أدركوا البعثة.
وآباؤكم يعني الأجداد السابقين مجرد أسماء ﴿مآ أنزل الله بها من سلطان﴾ (ما) نافية، والمعنى أن الله - عز وجل - لم ينزل بها دليلاً، وسمي الدليل سلطاناً لأن صاحب الدليل معه سلطة يعلو بها على خصمه، ومن ليس له دليل ليس له سلطان، فالسلطان يأتي دائماً بمعنى الحجة أي الدليل، لأن من معه الدليل ذو سلطة على خصمه ﴿إن يتبعون إلا الظن﴾. (إن) نافية بمعنى (ما) ﴿يتبعون﴾ أي: هؤلاء وآباؤهم ﴿إلا الظن﴾، أي: الوهم الذي لا حقيقة له، لأنهم يقولون هذه آلهة، واعتمدوا في ذلك على الوهم، فالظن هنا بمعنى الوهم، يعني ما يتبع هؤلاء بقولهم إنها آلهة إلا الظن، أي الوهم الخيال الذي لا حقيقة له، ﴿وما تهوى الأَنفس﴾، يعني وما تميل إليه نفوسهم من الباطل، ثم قال - عز وجل -: ﴿ولقد جاءهم من ربهم الهدى﴾ الجملة هنا مؤكدة بثلاثة مؤكدات: القسم المحذوف، واللام، وقد، وتقديره: والله لقد جاءهم من ربهم الهدى، فيؤكد الله هنا أنه قد جاءهم من ربهم