الاحتمالين، وانتبه لهذا فالظن يأتي بمعنى التهمة، ويأتي بمعنى رجحان الشيء، ويأتي بمعنى اليقين. قال الله تعالى: ﴿الذين يظنون أنهم ملقوا ربهم﴾ والمراد: اليقين ولا يكفي الظن في اليوم الآخر، بل لابد تيقن، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: «إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب (١) » والتحري هنا يعني هو الظن الغالب.
﴿وإن هم إلا يظنون﴾ ظن الاتهام يعني يظنون ظنًّا، هو وهم، ليس له أصل، وبعض العلماء أخذ من هذه الآية أنه لا يجوز العمل بالظن في المسائل الفقهية وغيرها، وهذا خطأ، لأن كثيراً من المسائل الفقهية ظنية: إما لخفاء الدليل، أو خفاء الدلالة: ليس كل مسألة في الفقه يقول بها الإنسان على سبيل اليقين أبداً، بل بعضها يقين وبعضها ظن، والظن إذا تعذر اليقين مما أحل الله، ومن نعمة الله أنه إذا تعذر اليقين رجعنا إلى غلبة الظن، فليس كل ظن منكراً، لكن الظن الذي ليس له أصل يبنى عليه منكر. فهؤلاء الذين سموا الملائكة تسمية الأنثى لا علم لهم بذلك بل هو ظن مبني على وهم، وربما يكون مبنياً على أهواء، يعني لم يطرأ على بالهم أنهم إناث، ولكن تبعوا آباءهم ﴿وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً﴾ أي: هذا الظن المبني على الوهم لا على القرائن لا يغني من الحق شيئاً، أي لا يفيد شيئاً من الحق، لأنه وهم باطل، والوهم الباطل لا يمكن أن يفيد، ثم قال - عز وجل -: {فأعرض عن
_________
(١) أخرجه البخاري، كتاب الصلاة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان (٤٠١) ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له (٥٧٢).


الصفحة التالية
Icon