الكبائر والفواحش تختلف؛ لأن كبائر وصف
كل ما كان أعظم صار أشد كبيرة، والفواحش كذلك، وفيما سقناه من الآيات دليل على ذلك: ﴿ولا تنكحوا ما نكح ءاباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشةً ومقتاً وساء سبيلاً﴾ ﴿ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشةً﴾ ﴿أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين﴾ ففرق الله بينها، مع أنها كلها فواحش، لكن بعضها أعظم من بعض.
قوله: ﴿إلا اللمم﴾ قيل: إنه استثناء متصل. وقيل: إنه استثناء منقطع، لأن اللمم الشيء القليل، فهل المعنى إلا الشيء القليل من الكبائر، أي أنهم يأتون الشيء القليل من الكبائر، أو المعنى إلا الصغائر من الذنوب. إن قلنا بالأول، فالاستثناء متصل، وإن قلنا بالثاني، فالاستثناء منقطع. وتكون بمعنى لكن، والمعنى الثاني أقرب من حيث التقسيم، لأن الله ذكر الكبائر والفواحش والصغائر، وعلى هذا فيكون معنى ﴿إلا اللمم﴾ يعني: أن هؤلاء الذين أحسنوا يأتون الصغائر، والصغائر والحمد لله مكفرة بالحسنات، قال الله تعالى: ﴿إن تجتنبوا كبآئر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئتكم﴾ وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر (١)، وقال عليه الصلاة والسلام: «العمرة إلى العمرة كفارة لما
_________
(١) أخرجه مسلم، كتاب الطهارة، باب الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان... (رقم ٢٣٣) (١٦).


الصفحة التالية
Icon