بينهما» (١)،
وعلى هذا فيكون المعنى أن الصغائر تقع مكفرة إما باجتناب الكبائر، أو باجتناب الكبائر مضموماً إليها فعل هذه الحسنات العظيمة: الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، والخلاصة أن الصغائر التي تقع مغفورة للإنسان إذا اجتنب الكبائر، وإذا أحسن في الصلوات الخمس والجمعة ورمضان ﴿إن ربك وسع المغفرة﴾ في هذه الجملة إشارة إلى قوله: ﴿إلا اللمم﴾ يعني أن اللمم يقع في سعة مغفرة الله - عز وجل - فيغفره الله - عز وجل - والمغفرة هي ستر الذنب مع التجاوز عنه، ولا يكفي ستر الذنب بل لابد من تجاوز، والدليل على هذا أمران: لغوي وسمعي، أما اللغوي فلأن المغفرة مشتقة من المغفر، والمغفر وهو ما يوضع على الرأس عند القتال ويسمى خوذة، ويسمى بيضة، يوضع على الرأس ليتقي السهم. هذا الذي يوضع على الرأس جمع بين أمرين الوقاية والستر، فإذا المغفرة لابد من ستر ووقاية، وأما السمعي فهو أن الله تبارك وتعالى إذا خلا بعبده المؤمن يوم القيامة وقرره بذنوبه وأقر قال: «قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم» (٢) فدل هذا على أن الوقاية من الذنوب وعدم المؤاخذة من المغفرة، نسأل الله تعالى أن يغفر لنا ما تقدم من ذنوبنا وما تأخر.
_________
(١) أخرجه البخاري، كتاب العمرة، باب وجوب العمرة وفضلها (١٧٧٣) ومسلم، كتاب الحج، باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة (١٣٤٩)..
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الأدب، باب ستر المؤمن على نفسه (٦٠٧٠) ومسلم، كتاب التوبة، باب قبول القاتل وإن كثر قتله (٢٧٦٨).